كتب الىّ السيّد الدكتور " س " استاذ احدى الجامعات الايرانية حكاية تشبه الحكاية السابقة .
رايت فى المنام انّى متزوّج ولى ابن ، وذلك حينما كنت طالبا يافعا لم يتجاوز سنّى سبعة عشر ربيعا .
وكان الولد خال كبير على خدّه الايسر ، وهو ازبّ الحاجبين اقرنهما ، غليظ الشفتين ، اقنى الانف ، دمث الخليقة . وقد تـعـلّقـت بـه تـعلّقا شديدا ؛ بحيث انّى حينما انتبهت من النوم وادركت انّ ما رايت كان حلما ولم يتسنّ بعد ذلك رايته اجهشت بالبكاء . وفى الليلة التالية رايت عين الطفل فى الحلم وهو يهتف قائلا :
بابا ، بابا ، واتّجه نحوى راكـضـا ، فـضـمـمـتـه الى صـدرى وانـا مسرور ؛ لانّى رايت ابنى ثانية . ولكن حينما استيقظت من النوم تشعّبتني الهموم وتقسّمتنى الغموم ، فجلست اذرف الدموع وانا انشج نشيجا عاليا ، حتّى استيقظ والداى من نومهما وساءلانى عـن عـلّة بـكـائى ، فـقـصـصـت عـليـهـمـا حـلمـى عـلى الرغـم مـن كـونـى اشـعـر بخجل شديد من سرد حلمى لهما ، ولكن كان يحدونى امل على ان يبادرا الى زواجى ؛ لكى انجب ذلك الولد .
الاّ انّ امـلى ذهـب ادراج الريـاح ؛ اذ اظـهـرا عدم اكتراثهما لهذا الامر وعدم مبالاة به ، وقابلانى باستهزاء وسخرية وهما يقولان :
لازال الزواج بالنّسبة اليك مبكّرا جدّا ، لاتشغل بالك بهذا الامر ابدا ، ثابر على مطالعة دروسك ، ثمّ تركانى وحيدا - متجاهلين رغبتى - وانصرفا .
بيد انّ ولهى بالولد كان شديدا ، فهو لايغيب عن مخيلتى لحظة واحدة ، وما استطعت تلك الايام استيعاب دروسى ، فرسبت فى الامتحانات بعد ان كنت طالبا متفوّقا فى دروسى ؛ لانّ ما جرى لى قد صادف ايّام الامتحانات . وبعد مـضـىّ شهر واحدعلى ذينك الحلمين ، كنت اذرع ساحة البيت ذهابا وايابا فى وقت متاءخّر من احدى الليالى والهدوء يـطـبق على المكان ؛ اذ كان بيتنا بعيدا عن ضوضاء الطريق وصخب المارّة . وكان الولد ممثَّلا لناظرى ، ومتصرّفا بـيـن خـواطـرى ، وفـجـاءة سـمـعـت صـوتـه يـنـبـعـث مـن احـدى زوايـا البـيـت وهـو يـصـيـح :
بـابـا ، بابا . حسبت اوّل الامـر انـّى ارى حلما ايضا ، ولكن حينما اصخت اليه جيّدا تبيّن لى انّى يقظان ، فصرخت بدون شعور :
فداك ابوك يا ولدى ! وهرولت نحو مصدر الصوت ، الاّ انّى لم اسمع غير صدى تلاشى بسرعة . وفى صباح اليوم الثـانى عرضنى والداى على طبيب نفسي بعد ان اطّلعا على ماحدث لى الليلة البارحة ولمسا تغيّرا فى سلوكى خـلال شـهـر . وامـعـن الطـبـيـب فـى فـحـصـى سـاعـة واحـفـى فـى السـؤ ال ، ثـمّ قـال لوالدىّ :
انّ هـذا الشـابّ تعلّق بالطفل الّذى رآه فى المنام وهواه ، وانجع دواء لعلاجه هو الزواج ، رجـاء ان يـرزق طـفـلا ويـشـفـى غـليـله . فـثـلج بكلام الطبيب صدرى ، وسرى همّى ، واسلى غمّى ، وعبّرت عن ذلك بايماءة براسى ، الامر الّذى اثار امتعاض والدىّ وسخطهما علىّ ، لما ابديت جراة متناهية امام الطبيب .
واتّضح لى فيما بعد انّ ابى وامىّ قد صرفا فى هذا الامر عنايتهما ، فقرّرا ان يخطبا لى فتاة ، الاّ انهما كانا يـتـريـّثـان فـى مسيرهما ويتلبّثان فى سيرهما . والحقّ معهما ؛ لانّ الوقت لم يحسن بعد لزواجى ، لصغر سنّى وعـدم اكـمـال دراسـتـى وصـفـر يـدىّ ، كـمـا انـّى اصـبـحـت كـمـعـتـوه بـه لمـم ؛ لولعـى بالطفل وتمثيله لعينىّ دوما .
وكـنـت انـهض من فراشى واخرج من غرفتى بعد تلك الليلة عندما ياءوى والداى الى فراشهما ، واتوجّه الى نفس الزاويـة كـلّ ليـلة ، واتصوّر كيف سمعت صوته بوضوح وهو يردّد باءعلى صوته :
بابا ، بابا . وكيف اجبته بـشـوق وحـرارة :
فـداك ابـوك يـا ولدى ! وكيف ضممته الى صدرى ، واحتضنته وناغيته برهة ، كما يحتضن الاب ابـنـه ويـنـاغـيـه . وفـى ليلة من ليالى الجمع ذهب ابواى لزيارة بعض الاصدقاء ، وبقيت انا وحيدا فى البيت ؛ لكـى ازاول مـا اعـتدته بحرّية ، كما انّهما يستنكفان ان يصطحبانى معهما لما اعانيه . فخلالى الجوّ ، فذهبت على عادتى الى زاوية البيت ، واذا بصوت الطفل يشنّف اذنىّ ثانية ، مع شبح ملامحه التي رايتها فى الحلم مرتسمة عـلى الجـدار وهـو يـنـاديـنى ، فاءسرعت نحوه فى الظلام ، فارتطم راسى بالجدار بشدّة ، فسقطت على الارض مغشيّا علىّ .
وحـيـنـمـا عـاد والداىّ الى البـيـت رايـانـى مـلقـى عـلى الارض مـغـشـيـّا عـلىّ والدمـاء تـسـيل من راسى ، وانا اردّد باستمرار :
فداك ابوك يا ولدى ، فرثيا لحالى وجزعا . ولمّا افقت رايت امّى تذرف الدموع علىّ حتّى احرقت ماقيها .
فـتـاءهـّبـا بعد هذه الحادثة لزواجي باءسرع وقت ممكن ، وقرّرت ان اكبح ما استطعت جماح صبابتى بالولد ؛ لما اصابنى من الكدّ والتعب ، ونالنى من الجهد والنصب ، وعزمت على اغضاء جفنى عنه . ولكن امسى ما ازمعت عليه هواء فـى شـبـك ؛ اذ تـفـاقـم امـره واعـتلى ، واستفحل واستشرى ؛ فكنت ارى الشبح فى الزاوية كلّ ليلة ، واصغى الى صوته والاطفه حينا كما يفعل الوالد مع ولده ، وكان يطلعنى على امور مجهولة بالنسبة الىّ .
واصـبـحـت جـذلان مـبـتـهـجـا ؛ لرؤ يـة ولدى والتـقـائى بـه كـلّ ليـلة ، ومـمـّا زاد فـى سـرورى هـو عـثـور والداى خلال هذه المدّة على فتاة تكون امّالطفلى فى المستقبل ، وقد ابدى رضاه بها ، وسمّى لى اسمها ، فتزوّجت بها .
واصبحت ارى شبح الطفل عـلى صـدر زوجـتـى لا فـى زاويـة المـنـزل ، وذلك حـيـنما تخلد الى النوم ، فنتجاذب اطراف الحديث حينا ، وما ان تـسـتـيـقـظ زوجـتـى مـن نـومـهـا اثـنـاء ذلك حـتـّى يـغـيـب فـورا ولا اعـود اراه . وقـلت له ليـلة :
ارى مـن الافـضـل ان تـاءتـى مـتـاءخـّرا عـنـدمـا تـغـطّ امـّك فـى نـوم عـمـيـق ؛ كـى تـسـتـيـقـظ مـتـاءخـّرة ، فـقـال :
انـا هـنا دائما ، فلحبّك ايّاى وودّك لى ترانى حينما تهوّم امّى وتهجع ، ولكن ما ان اشبعت نهمك من رؤ يتى تواريت عنك .
واخيرا حملت زوجتى ، وما اصبحت ارى للشبح صورة ولا اسمع منه صوتا بعد ان مضى على حملها اربعة اشهر ، وايـقنت انّه حلّ بالجنين الّذى يثوى فى احشاء زوجتى ، ولم احزن لفقده ؛ لانّه قدر تعلّق بى واحبّنى ، ولاملى انّه سوف يولد والازمه ملازمة الظلّ للشاخص .
قـالت امـّى لى يـومـا :
ايـّهـا المـاكر ! انّك خدعتنا واحتلت علينا ؛ ذريعة الى بغيتك ، فجلبت لنا الاذى ، لماذا لم تصارحنى بمرادك وتحسر لثامك ؛ لكى اختار لك شريكة حياتك ؟ وعقّب ابى قائلا :
لولا مكاشرته ومداجاته مـا زوّجـنـاه بـهـذه السـرعـة الاّ بـعـد اكـمـال دراسـتـه ، ثـمّ التـفـت الىّ وقال :
انّك جرّعتنى الغصّة ، سامحك اللّه يا بنى .
فـاضـطـررت الى كـشـف الغـطـاء وحـسـر الغـمـّاء ؛ لانـّهـمـا حـسـبـانـى مـحـتـالا مـخـاتـلا ، فـوصـفـت لهـمـا مـلامـح الطـفـل كـامـلة وهـو فـى بـطـن امـّه ، واسـتـمـحـتـهـمـا ان يـصـبـرا ريـثـمـا يـولد الطفل ، وسوف يريان انى لست متخرّما ولامختلفا ؛ لانّ " الرائد لايكذب اهله " .((مثل عربى ، والرائد هو الّذى يتقدّم قومه للبحث عن الماء والكلا ، يضرب فى من لايكذب اذا حّدث ))
واحـسـّت زوجـتـى يوما باءلم الوضع ، فنقلناها للتوّالى مستشفى الولادة ، وبقيت انا اترصّد خبرها خلف غرفة العـمـليـّات عـلى احـرّ مـن الجـمـر . وفـجـاءة خـرجـت امـّى مـن الغـرفـة فـرحـة مـسـرورة فـقـبـّلتـنـى وهـى تـقـول :
مـعـذرة يـا ولدى ! كـنـت اظـنّ بـك ظـنّ السـوء عـلى غـيـر هـدى ، انـّك لم تـكـن كـاذبـا ، فـقـد ولد نـفـس الطفل الّذى وصفته لنا ، ليهنئك هذا الامر .
ويـبـلغ طـفـلى الا ن عـشـرة اعـوام مـن عـمـره ، ومـهـمـا احـاول جـاهـدا تـذكـيـره بـتـلك الذكـريـات فـانّ جـهودى تبوء الفـشـل ((هـنـاك روايـات مـتـعـدّدة تـدعـم هـذا القـول ، وهـى تـشـيـر الى انـّ
الطفل حينما يولد ينسى ما حدث له فى عالم الذّر . انظر بحارالانوار ( 57 / 342 ) الحديث ( 23 ) وكذا الحديث (31 ) من الصفحة ( 347 ) والحديث ( 58 ) من الصفحة ( 364 ) ))
، ولكـنـّه كـان يـحـيـط بالحوادث الّتى سردها لى فى ذلك الوقت عفويّا ، وكاءنّه متعلّم لاينسى مواضيع دروسه .
رايت فى المنام انّى متزوّج ولى ابن ، وذلك حينما كنت طالبا يافعا لم يتجاوز سنّى سبعة عشر ربيعا .
وكان الولد خال كبير على خدّه الايسر ، وهو ازبّ الحاجبين اقرنهما ، غليظ الشفتين ، اقنى الانف ، دمث الخليقة . وقد تـعـلّقـت بـه تـعلّقا شديدا ؛ بحيث انّى حينما انتبهت من النوم وادركت انّ ما رايت كان حلما ولم يتسنّ بعد ذلك رايته اجهشت بالبكاء . وفى الليلة التالية رايت عين الطفل فى الحلم وهو يهتف قائلا :
بابا ، بابا ، واتّجه نحوى راكـضـا ، فـضـمـمـتـه الى صـدرى وانـا مسرور ؛ لانّى رايت ابنى ثانية . ولكن حينما استيقظت من النوم تشعّبتني الهموم وتقسّمتنى الغموم ، فجلست اذرف الدموع وانا انشج نشيجا عاليا ، حتّى استيقظ والداى من نومهما وساءلانى عـن عـلّة بـكـائى ، فـقـصـصـت عـليـهـمـا حـلمـى عـلى الرغـم مـن كـونـى اشـعـر بخجل شديد من سرد حلمى لهما ، ولكن كان يحدونى امل على ان يبادرا الى زواجى ؛ لكى انجب ذلك الولد .
الاّ انّ امـلى ذهـب ادراج الريـاح ؛ اذ اظـهـرا عدم اكتراثهما لهذا الامر وعدم مبالاة به ، وقابلانى باستهزاء وسخرية وهما يقولان :
لازال الزواج بالنّسبة اليك مبكّرا جدّا ، لاتشغل بالك بهذا الامر ابدا ، ثابر على مطالعة دروسك ، ثمّ تركانى وحيدا - متجاهلين رغبتى - وانصرفا .
بيد انّ ولهى بالولد كان شديدا ، فهو لايغيب عن مخيلتى لحظة واحدة ، وما استطعت تلك الايام استيعاب دروسى ، فرسبت فى الامتحانات بعد ان كنت طالبا متفوّقا فى دروسى ؛ لانّ ما جرى لى قد صادف ايّام الامتحانات . وبعد مـضـىّ شهر واحدعلى ذينك الحلمين ، كنت اذرع ساحة البيت ذهابا وايابا فى وقت متاءخّر من احدى الليالى والهدوء يـطـبق على المكان ؛ اذ كان بيتنا بعيدا عن ضوضاء الطريق وصخب المارّة . وكان الولد ممثَّلا لناظرى ، ومتصرّفا بـيـن خـواطـرى ، وفـجـاءة سـمـعـت صـوتـه يـنـبـعـث مـن احـدى زوايـا البـيـت وهـو يـصـيـح :
بـابـا ، بابا . حسبت اوّل الامـر انـّى ارى حلما ايضا ، ولكن حينما اصخت اليه جيّدا تبيّن لى انّى يقظان ، فصرخت بدون شعور :
فداك ابوك يا ولدى ! وهرولت نحو مصدر الصوت ، الاّ انّى لم اسمع غير صدى تلاشى بسرعة . وفى صباح اليوم الثـانى عرضنى والداى على طبيب نفسي بعد ان اطّلعا على ماحدث لى الليلة البارحة ولمسا تغيّرا فى سلوكى خـلال شـهـر . وامـعـن الطـبـيـب فـى فـحـصـى سـاعـة واحـفـى فـى السـؤ ال ، ثـمّ قـال لوالدىّ :
انّ هـذا الشـابّ تعلّق بالطفل الّذى رآه فى المنام وهواه ، وانجع دواء لعلاجه هو الزواج ، رجـاء ان يـرزق طـفـلا ويـشـفـى غـليـله . فـثـلج بكلام الطبيب صدرى ، وسرى همّى ، واسلى غمّى ، وعبّرت عن ذلك بايماءة براسى ، الامر الّذى اثار امتعاض والدىّ وسخطهما علىّ ، لما ابديت جراة متناهية امام الطبيب .
واتّضح لى فيما بعد انّ ابى وامىّ قد صرفا فى هذا الامر عنايتهما ، فقرّرا ان يخطبا لى فتاة ، الاّ انهما كانا يـتـريـّثـان فـى مسيرهما ويتلبّثان فى سيرهما . والحقّ معهما ؛ لانّ الوقت لم يحسن بعد لزواجى ، لصغر سنّى وعـدم اكـمـال دراسـتـى وصـفـر يـدىّ ، كـمـا انـّى اصـبـحـت كـمـعـتـوه بـه لمـم ؛ لولعـى بالطفل وتمثيله لعينىّ دوما .
وكـنـت انـهض من فراشى واخرج من غرفتى بعد تلك الليلة عندما ياءوى والداى الى فراشهما ، واتوجّه الى نفس الزاويـة كـلّ ليـلة ، واتصوّر كيف سمعت صوته بوضوح وهو يردّد باءعلى صوته :
بابا ، بابا . وكيف اجبته بـشـوق وحـرارة :
فـداك ابـوك يـا ولدى ! وكيف ضممته الى صدرى ، واحتضنته وناغيته برهة ، كما يحتضن الاب ابـنـه ويـنـاغـيـه . وفـى ليلة من ليالى الجمع ذهب ابواى لزيارة بعض الاصدقاء ، وبقيت انا وحيدا فى البيت ؛ لكـى ازاول مـا اعـتدته بحرّية ، كما انّهما يستنكفان ان يصطحبانى معهما لما اعانيه . فخلالى الجوّ ، فذهبت على عادتى الى زاوية البيت ، واذا بصوت الطفل يشنّف اذنىّ ثانية ، مع شبح ملامحه التي رايتها فى الحلم مرتسمة عـلى الجـدار وهـو يـنـاديـنى ، فاءسرعت نحوه فى الظلام ، فارتطم راسى بالجدار بشدّة ، فسقطت على الارض مغشيّا علىّ .
وحـيـنـمـا عـاد والداىّ الى البـيـت رايـانـى مـلقـى عـلى الارض مـغـشـيـّا عـلىّ والدمـاء تـسـيل من راسى ، وانا اردّد باستمرار :
فداك ابوك يا ولدى ، فرثيا لحالى وجزعا . ولمّا افقت رايت امّى تذرف الدموع علىّ حتّى احرقت ماقيها .
فـتـاءهـّبـا بعد هذه الحادثة لزواجي باءسرع وقت ممكن ، وقرّرت ان اكبح ما استطعت جماح صبابتى بالولد ؛ لما اصابنى من الكدّ والتعب ، ونالنى من الجهد والنصب ، وعزمت على اغضاء جفنى عنه . ولكن امسى ما ازمعت عليه هواء فـى شـبـك ؛ اذ تـفـاقـم امـره واعـتلى ، واستفحل واستشرى ؛ فكنت ارى الشبح فى الزاوية كلّ ليلة ، واصغى الى صوته والاطفه حينا كما يفعل الوالد مع ولده ، وكان يطلعنى على امور مجهولة بالنسبة الىّ .
واصـبـحـت جـذلان مـبـتـهـجـا ؛ لرؤ يـة ولدى والتـقـائى بـه كـلّ ليـلة ، ومـمـّا زاد فـى سـرورى هـو عـثـور والداى خلال هذه المدّة على فتاة تكون امّالطفلى فى المستقبل ، وقد ابدى رضاه بها ، وسمّى لى اسمها ، فتزوّجت بها .
واصبحت ارى شبح الطفل عـلى صـدر زوجـتـى لا فـى زاويـة المـنـزل ، وذلك حـيـنما تخلد الى النوم ، فنتجاذب اطراف الحديث حينا ، وما ان تـسـتـيـقـظ زوجـتـى مـن نـومـهـا اثـنـاء ذلك حـتـّى يـغـيـب فـورا ولا اعـود اراه . وقـلت له ليـلة :
ارى مـن الافـضـل ان تـاءتـى مـتـاءخـّرا عـنـدمـا تـغـطّ امـّك فـى نـوم عـمـيـق ؛ كـى تـسـتـيـقـظ مـتـاءخـّرة ، فـقـال :
انـا هـنا دائما ، فلحبّك ايّاى وودّك لى ترانى حينما تهوّم امّى وتهجع ، ولكن ما ان اشبعت نهمك من رؤ يتى تواريت عنك .
واخيرا حملت زوجتى ، وما اصبحت ارى للشبح صورة ولا اسمع منه صوتا بعد ان مضى على حملها اربعة اشهر ، وايـقنت انّه حلّ بالجنين الّذى يثوى فى احشاء زوجتى ، ولم احزن لفقده ؛ لانّه قدر تعلّق بى واحبّنى ، ولاملى انّه سوف يولد والازمه ملازمة الظلّ للشاخص .
قـالت امـّى لى يـومـا :
ايـّهـا المـاكر ! انّك خدعتنا واحتلت علينا ؛ ذريعة الى بغيتك ، فجلبت لنا الاذى ، لماذا لم تصارحنى بمرادك وتحسر لثامك ؛ لكى اختار لك شريكة حياتك ؟ وعقّب ابى قائلا :
لولا مكاشرته ومداجاته مـا زوّجـنـاه بـهـذه السـرعـة الاّ بـعـد اكـمـال دراسـتـه ، ثـمّ التـفـت الىّ وقال :
انّك جرّعتنى الغصّة ، سامحك اللّه يا بنى .
فـاضـطـررت الى كـشـف الغـطـاء وحـسـر الغـمـّاء ؛ لانـّهـمـا حـسـبـانـى مـحـتـالا مـخـاتـلا ، فـوصـفـت لهـمـا مـلامـح الطـفـل كـامـلة وهـو فـى بـطـن امـّه ، واسـتـمـحـتـهـمـا ان يـصـبـرا ريـثـمـا يـولد الطفل ، وسوف يريان انى لست متخرّما ولامختلفا ؛ لانّ " الرائد لايكذب اهله " .((مثل عربى ، والرائد هو الّذى يتقدّم قومه للبحث عن الماء والكلا ، يضرب فى من لايكذب اذا حّدث ))
واحـسـّت زوجـتـى يوما باءلم الوضع ، فنقلناها للتوّالى مستشفى الولادة ، وبقيت انا اترصّد خبرها خلف غرفة العـمـليـّات عـلى احـرّ مـن الجـمـر . وفـجـاءة خـرجـت امـّى مـن الغـرفـة فـرحـة مـسـرورة فـقـبـّلتـنـى وهـى تـقـول :
مـعـذرة يـا ولدى ! كـنـت اظـنّ بـك ظـنّ السـوء عـلى غـيـر هـدى ، انـّك لم تـكـن كـاذبـا ، فـقـد ولد نـفـس الطفل الّذى وصفته لنا ، ليهنئك هذا الامر .
ويـبـلغ طـفـلى الا ن عـشـرة اعـوام مـن عـمـره ، ومـهـمـا احـاول جـاهـدا تـذكـيـره بـتـلك الذكـريـات فـانّ جـهودى تبوء الفـشـل ((هـنـاك روايـات مـتـعـدّدة تـدعـم هـذا القـول ، وهـى تـشـيـر الى انـّ
الطفل حينما يولد ينسى ما حدث له فى عالم الذّر . انظر بحارالانوار ( 57 / 342 ) الحديث ( 23 ) وكذا الحديث (31 ) من الصفحة ( 347 ) والحديث ( 58 ) من الصفحة ( 364 ) ))
، ولكـنـّه كـان يـحـيـط بالحوادث الّتى سردها لى فى ذلك الوقت عفويّا ، وكاءنّه متعلّم لاينسى مواضيع دروسه .