النحافة والبدانة كلاهما حالات مرضية نتيجة للعادات الغذائية السيئة وفى بعض الحالات يكونا نتيجة ﻷمراض عضوية أو نفسية. بشكل عام البدانة والنحافة هي ناتج عدم التوازن بين الطاقة المتناولة من الطعام والطاقة المستهلكة في الجسم في النشاط اليومي، والعوامل المؤثرة على هذا الفارق كثيرة مثل درجة حرارة البيئة ، اختلاف معدل التمثيل الغذائي بين شخص وآخر وهذا الاختلاف عادة يكون وراثيًّا. و أيضا اختلاف العادات الغذائية نفسها بين شخص وآخر. كذلك الأسباب المرضية مثل الخلل الهرموني ، حيث تؤثر الهرمونات على معدل التمثيل الغذائي بالجسم وكذلك أمراض الجهاز الهضمي ، بداية من المضغ وحتى مرحلة الإخراج وخلل كفاءة الجهاز التنفسي حيث إن معظم عمليات التمثيل الغذائي في الجسم تتطلب وجود غاز الأكسجين وإخراج ثاني أكسيد الكربون.
تعرف النحافة بنقص وزن الجسم عن معدله الطبيعي أي عندما يكون مؤشر كتلة الجسم = الوزن (بالكيلو جرام) ÷ الطول (بالمتر المربع) تحت 18.5 وهي تحدث لعدم حصول الجسم على المواد الغذائية المولدة للطاقة وذلك بدفع الجسم إلى استخدام البروتين الموجود فيه من أجل تزويد الجسم بالطاقة على حساب عمليات النمو والصيانة والتجدد ومسبباتها فيزيولوجية مثل فرط الغدة الدرقية وبعض أمراض الجهاز الهضمي التي تمنع امتصاص الطعام المهضوم والطفيليات مثل الدوسنتاريا والدودة الشريطية فتجعل الإنسان لا يستفيد من أى طعام مهما تناوله. أو الإصابة ببعض الأورام أو كنتيجة لعلاجها . كذلك العادات الغذائية الخاطئة المكتسبة منذ الطفولة والأسباب الوراثية وأيضا اتباع أنظمة غذائية خاصة لتخفيف الوزن والاستمرار بها إلى حد الوصول إلى النحافة ومن ثم عدم القدرة على استرجاع الوزن الطبيعي. تنتج النحافة عن بعض الأمراض النفسية التى يمنع الجسم من الاستفادة المثلى من العناصر الغذائية مثل الاكتئاب الشديد الذي يسبب فقد الشهية أو الهوس الذي يجعل المصاب به لا يشعر بالجوع.
و تسبب النحافة فى ضعف مقاومة الجسم للأمراض بسبب نقص انتاج الاجسام المضادة مما يتسبب فى الإصابة بالأمراض المعدية وتضعف مقاومة الجسم للبرد بسبب عدم وجود طبقة دهنية تعزل الجسم عن المحيط الخارجي وكذلك ضعف قدرات الانسان الفكرية وسرعة التعب والشعور بالضعف والوهن . كما تسبب النحافة الشديدة فى قلة الخصوبة لدى السيدات وعدم انتظام الدورة الشهرية وذلك لأن الدهون الموجودة تحت الجلد تدخل في صناعة الهرمونات الجنسية وعند نقص مستواها بشكل كبير ينخفض مستوى الاستروجين ويؤثر ذلك على الدورة الشهرية التي يمكن أن تتوقف أو تصبح غير منتظمة بشكل كبير.
أما عن علاج النحافة فإنه من الصعب على النحيف زيادة وزنه مقارنة بالشخص العادي أو ذي الوزن الزائد وذلك قد يرجع للجينات الموروثة أو بسبب زيادة نسبة التمثيل الغذائي أو حرق الغذاء لديه كما ذكر سابقا أو لأنه يمتلك عدداً أقل من الخلايا الدهنية أو بسبب زيادة طوله أو لأنه ببساطة غير حريص على اتباع الغذاء الصحى المتوازن. وتعالج النحافة بمعرفة أسبابها ويتم ذلك عن طريق مراقبة التغذية واتباع عادات غذائية جيدة منذ الطفولة وإزالة أسبابها المرضية والنفسية كذلك زيادة ساعات الراحة والاستجمام على حساب ساعات العمل وتحسين المواد الغذائية وطرق تحضيرها بما يلبي حاجة الجسم عن زيادة الوزن ، الابتعاد عن السهر والنشاط المفرط وقلة النوم وممارسة الرياضة الهادفة التى تزيد من الكتلة العضلية.
أما عن البدانة فهى زيادة وزن الجسم عن معدله الطبيعي نتيجة تراكم الدهون أي عندما يكون مؤشر كتلة الجسم فوق ۳٠ وهى أكثر انتشارا من النحافة وتصيب حوالى ۳٠٠ ميلون شخص فى العالم و تعتبر الان وباءا يصيب الدول المتقدمة و النامية معا حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية. واهم مسبباتها النمط الغذائي السيئ حيث أنه من المؤكد أن التهام الغذاء بسعرات حرارية عالية مع عدم صرف هذه السعرات يؤدي إلى تراكم الدهون في جسم الإنسان واكبر مثال لذلك انتشار ما يسمى بالوجبات السريعة الغنية بالسعرات الحرارية.و هذا هو السبب الأول والأهم فى ٩٠% من حالات السمنة . قلة النشاط والحركة لها دور كبير حيث أن بعض الأشخاص يجدون أن وزنهم يزداد مع قلة تناول الطعام وهذا يرجع لقله نشاطهم البدني. بعض الأمراض العضوية مثل اختلال الغدد الصماء وتناول بعض العقاقير تودى للاصابة بالبدانة . العوامل النفسية وهذه الحالة منتشرة في السيدات أكثر منها في الرجال فحين يتعرضن لمشاكل نفسية قاسية ينعكس ذلك في صورة التهام الكثير من الطعام. الوراثة بمفردها ليس مسؤولة عن السمنة وقد لا تكون مسؤولة البتة. ومن آثار البدانة على الصحة ارتفاع ضغط الدم والسكرى وأمراض القلب والجهاز التنفسى كنوبات توقف التنفس أثناء النوم والمفاصل مثل النقرس (داء الملوك) وكذلك الالتهابات الفطرية والبكتيرية و بعض أنواع السرطانات مثل سرطان البروستاتا والقولون وسرطان الشرج بالاضافة لحصوات المرارة. وتعالج البدانة بالابتعاد عن الوجبات السريعة ذات المستوى العالي من الدهون وتغيير العادات الغذائية الخاطئة خاصة لدى الأطفال والتأكيد على أن يتناولوا الغذاء المتوازن وتحذيرهم من مخاطر السمنة وممارسة الرياضة المناسبة بانتظام وهنا يأتى دور التثقيف الصحى بالمدارس ووسائل الاعلام.
أثبتت الدارسات العلمية أن نسبة الوفاة عند الأشخاص المصابون بالنحافة أو البدانة أكثر من الأشخاص ذوي الوزن الطبيعى وهذا بسبب المضاعفات التى تصاحب كلتا الحالتين ولذلك تعتبرا مرض وليس عرض . الحل هو اتباع نظام غذائي صحي دائم يشتمل على جميع العناصر الغذائية بالنسب المتعارف عليها عالميًّا والممثلة في الهرم الغذائي ، بالإضافة إلى نشاط بدني مناسب لكل فرد وفقا لسنه وجنسه وحالته الفسيولوجية.
__________________